كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

المسألة الثالثة:
المرحلة الثالثة من الجمع:
الجمع في عهد عثمان - رضي اللّه عنه - ورد الشبهات التي أثيرت عليه.
الشبهة الأولى:
زعم «بلاشير» أن دافع عثمان لجمع القرآن الكريم كان دافعا ارستقراطيا، ولمصلحة الطبقة المكية الارستقراطية التي كان يمثلها «1».
الجواب:
هذه الشبهة المزعومة من جملة أباطيلهم وتهمهم التي لا تقوم على دليل علمي. لأن الروايات الصحيحة أكدت سلامة نوايا عثمان في جمعه، فقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك: «أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد اللّه بن الزبير وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها من المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق» «2» رضي اللّه عنهم أجمعين.
______________________________
(1) مقدمة القرآن - بلاشير ص 57 - 58.
(2) انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/ 11 كتاب فضائل القرآن.

الصفحة 465