كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

والاستقامة. وكان من أجواد قريش وحلمائها، حتى قال فيه معاوية: لكل قوم كريم، وكريمنا سعيد. كانت وفاته بالمدينة سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين للهجرة.
أما زيد بن ثابت - رضي اللّه عنه - فاختياره كان لأنه أكتب الناس وصاحب خبرة في الأمر، حيث كان كاتبا لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - لذا كان توجيه عثمان - رضي اللّه عنه - «فليمل سعيد، وليكتب زيد» «1» وكان جامعا للصحف لأبي بكر - رضي اللّه عنه - الذي زكّاه بقوله له: «إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فتتبع القرآن فاجمعه» «2» فحدد أبو بكر - رضي اللّه عنه - الصفات التي امتاز بها «زيد» على غيره ومن أجلها اختاره للقيام بمهمة جمع القرآن الكريم.
1 - كونه شابا قويا ليكون أنشط لما يطلب منه.
2 - كونه عاقلا فطنا ليكون أوعى له، والعقل جماع الفضائل لأنه يحفظ العمل من النقص أو الخلل.
3 - وكونه أمينا، تقيا، لتركن النفس إليه وتطمئن لعمله، وتثق به.
4 - وكونه كان يكتب الوحي لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ليكون صاحب خبرة في الأمر مما يدعوه للإتقان «3».
والذي يرد زعم «بلاشير» أنه كان [متكلفا، متملقا] أن زيدا لم يطلب هذا الأمر بنفسه، ولم يسع إليه، بل كان تكليفا له من خليفة رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - عند ما قال له: (فتتبع القرآن فاجمعه) وقد أظهر ثقل هذه المسئولية على نفسه مما دعاه للتمنع والتردد يقصد [أي أبا بكر] فقد قال زيد - رضي اللّه
______________________________
(1) انظر فتح الباري 9/ 19 كتاب فضائل القرآن.
(2) نفس المرجع 9/ 10 كتاب فضائل القرآن.
(3) نفس المرجع 9/ 13 كتاب فضائل القرآن.

الصفحة 468