كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

عنه -: (فو اللّه لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -؟
قال: هو واللّه خير؟ فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح اللّه صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر - رضي اللّه عنهم) «1».
فأين هذا التملق والتكلف المزعوم من قبل هؤلاء المستشرقين؟؟.
أما عبد اللّه بن الزبير فهو الصحابي الجليل، أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش، وقد حضر وقعة اليرموك، وشهد خطبة عمر بالجابية، وبويع له بالخلافة عقيب موت يزيد بن معاوية سنة (64 ه) وقيل سنة خمس وكانت ولايته تسع سنين، وقد سمع - رضي اللّه عنه - من النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - وحفظ عنه، وهو الذي حمى البيت الحرام من فعل الحجاج واعتداءاته عليه، قتل على يد الحجاج صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر بعد أن خذله عامة أصحابه - رحمة اللّه تعالى عليه - ومناقبه كثيرة تحتاج لسفر خاص به «2» فرجل هذه صفاته ألا يكون فوق شبهات هؤلاء المستشرقين.
أما عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن مخزوم اختلف في صحبته: فقد عده الحاكم من الصحابة، والبقية رجحوا ولادته في زمن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - وعدم سماعه منه، فيكون من التابعين، وممن عده ابن حبان الذي قال عنه هو: من ثقات التابعين، وأثنى عليه ابن سعد: «كان عبد الرحمن من أشراف قريش» «3».
هذه هي صفات هؤلاء الأربعة - رضوان اللّه عليهم - الذين زعم «بلاشير» أن اختيارهم لعملية الجمع إما بسبب أنهم من طبقة ارستقراطية أو لأن بعضهم كان متملقا «كزيد» - رضي اللّه عنه - ولكن الصواب أن الاختيار
______________________________
(1) فتح الباري 9/ 10 - 11 فضائل القرآن.
(2) تهذيب التهذيب 5/ 214.
(3) تهذيب التهذيب 6/ 156 - 158.

الصفحة 469