كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

استثنوا من العمل «كعلي بن أبي طالب، وعبد اللّه بن مسعود، وأبي بن كعب، وآخرين» «1» ليؤكد ما زعمه على أن العمل كان لاعتبارات خاصة وينقصه التجرد والأهلية.
الجواب:
هذا الانفجار المزعوم من قبل «بلاشير» مرفوض لتحميله النصوص والمواقف أكثر مما تحتمل.
فبالنسبة لأبي بن كعب قد بينت سابقا أنه قد شارك فعليا في اللجنة، ولم ينقل عنه أي اعتراض.
أما موقف علي فهو على غير ما صوره «بلاشير» فلم يكن قد سجل عليه أي اعتراض على اللجنة، بل كان من المباركين لعملها، المترحمين على عثمان - رضي اللّه عنه - لقيامه بهذا العمل العظيم حيث قال: «رحم اللّه عثمان لو وليته لفعلت ما فعل في المصاحف» وفي رواية «لو لم يصنعه عثمان لصنعته» «2».
وقد بين الإمام علي أن عثمان - رضي اللّه عنهما - لم يجمع القرآن إلا بموافقة ومرأى من الصحابة - رضوان اللّه عليهم - حيث قال: «لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فو اللّه ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا» «3».
فمن هنا يظهر دفاع الإمام علي - رضي اللّه عنه -، عن عمل أمير المؤمنين عثمان - رضي اللّه عنه - ومباركته له والترحم على صاحبه وعدم اعتراضه عليه ويؤكد هذا أن الخلافة قد آلت إلى علي - رضي اللّه عنه - ولم يظهر أي نقض ولا أي اعتراض لهذا العمل الجليل، ولم يغير شيئا من القرآن الكريم. مما يدل على فساد غرض المستشرقين من هذا الكلام، ووضوح افتراءاتهم.
أما بالنسبة «لعبد اللّه بن مسعود» - رضي اللّه عنه - فهو الوحيد من
______________________________
(1) مقدمة على القرآن - بلاشير ص 58 - 63.
(2) كتاب المصاحف ص 19 - 30.
(3) فتح الباري 9/ 18 فضائل القرآن.

الصفحة 472