كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

بين الصحابة الذي نقل عنه اعتراض على تولية زيد بن ثابت وإبعاده عن هذا العمل فقد نقل اعتراضه ابن حجر حين قال: [يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ كتابة المصاحف ويتولاها رجل، واللّه لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر؟].
وقوله: [ .. لقد أخذت من في رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان، أ فأنا أدع ما أخذت من في رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -].
وعبد اللّه بن مسعود - رضي اللّه عنه - لم يكن معترضا على عمل زيد وهو جمع القرآن الكريم وكل ما يدل عليه أقواله أنه كان يرى أحقيته من زيد بهذا العمل العظيم لسابقته في الإسلام، وتلقيه سبعين سورة من في رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وكان كلامه هذا في ساعة غضب لأنه عند ما زال عنه الغضب ندم على ما قال واستحيا من موقفه، وأدرك حسن اختيار عثمان ومن معه من الصحابة - رضوان اللّه عليهم - لزيد لهذه المهمة. وقد أشار (أبو وائل) «لندم عبد اللّه بعد ذكره لموقفه حيث قال: [ .. إن عبد اللّه استحيا مما قال فقال: ما أنا بخيرهم ثم نزل عن المنبر] «1».
هذا شأن المستشرقين المغرضين أن يقطعوا النصوص ولا يبينوها بتمامها تحقيقا لما في نفوسهم.
أما أهلية زيد وكفاءته فقد بينته من قبل والموقف ليس موقف تفضيل وإنما هو تبيين كفاءة وأهلية. وتعيين عثمان لزيد - رضي اللّه عنهما - لرئاسة هذه اللجنة لأن زيدا كان في المدينة حين الشروع في هذا العمل بينما كان عبد اللّه ابن مسعود في الكوفة، ولم يكن لعثمان أن يؤخر ما عزم عليه حتى يحضر عبد اللّه من الكوفة.
______________________________
(1) انظر كتاب مقدمتان في علوم القرآن ص 95.

الصفحة 473