كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)

وكذلك المصحف الذي وجد في مصر وعليه دم عثمان فقد ذكر «بلاشير» نفسه أنه مصحف عثمان نفسه بإشارة وجود دمه عليه. إذا فلن يكون هناك بينهما أي خلاف لأنه مصحف الإمام نفسه. هذا على فرض صحة ما ذكر. ولكن هذا المصحف كان مزينا بزركشات ونقوش، ومبينا عليه الأعشار مما يدل على فساد قولهم لأن هذه الأمور لم توضع على المصاحف إلا في وقت متأخر، ولم توضع على مصاحف العهد الراشد الأول.
أما إيجاد مصحف أبي في البصرة في نهاية القرن الرابع الهجري مع وجود خلاف بينه وبين المصحف الإمام في ترتيب أسماء السور. فلا دليل عليه ولم تثبته الوثائق التاريخية. فلو صح الأمر لكان مصحفا خاصا بهذا الصحابي الجليل كتب قبل كتابة المصحف الإمام.
وهذه المصاحف فيها المتواتر من القرآن والآحادي الذي لا يقطع بقرآنيته وفيه مخالفة للمصحف العثماني. وقد أحرقت جميعها بأمر من الخليفة الراشد الثالث عثمان. وأطولها عمرا النسخة الأصل صحف أبي بكر التي أودعت عند حفصة وقد أتلفها مروان بن الحكم والي المدينة في عهد معاوية بعد موتها - رضي اللّه عنها -.
أما ما ذكروه عن مصحف طرسوس السويس أو القاهرة الذي وجده «لفنجانا ولويس» سنة 1895 م واشترياه من هناك، وذكرا أن فيه بعض الاختلاف مع المصحف العثماني. فقد أنكر أقدميتها «بلاشير» لسوء خطها، وصعوبة قراءته، ولأنه يضم كتابات مسيحية باللغة العربية تبدو على ما يبدو للقرن العاشر الميلادي الرابع الهجري «1».
فمن هنا يظهر بطلان هذه الشبه لأنها مجرد فروض وخيال لا حقيقة لها من الواقع وكل أدلتها واهية. فبهذا تسقط كل استنتاجاتهم.
______________________________
(1) انظر مقدمة القرآن - بلاشير ص 36 - 37 - 41.

الصفحة 479