كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

الفصل الرابع: شكل القرآن الكريم ومضمونه وشبههم حوله

المبحث الأول: تقسيم القرآن الكريم إلى ثلاثين جزءا:
زعم المستشرقون أن القرآن الكريم من أجل سهولة تلاوته قسم ثلاثون جزءا لتتلاءم مع عدد أيام شهر رمضان - حسب تعبير الموسوعة البريطانية -.
وقال «بلاشير»: إن تقسيمه كان لمجرد الباعث العملي وتسهيلا لتلاوته في الاحتفالات الدينية «1».
الجواب:
هذا الكلام بجملته بعيد كل البعد عن الدقة والموضوعية فتقسيم القرآن الكريم إلى ثلاثين جزءا كان إجراء متأخرا كثيرا عن نزول القرآن. أما فرضية رمضان، ونافلة التراويح كان ذلك في عهد الرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - ولا ريب أن المسلمين كانوا يحفظون القرآن، ولا يجدون في ذلك صعوبة ولا عسرا قبل أن يجزأ القرآن إلى أجزاء، وكانوا لا ريب كذلك يصلون التراويح وهي النافلة الرمضانية قبل أن يجزأ القرآن كذلك.
فربط التجزئة بشهر رمضان أو المواسم الدينية بعيدة عن الحقيقة والمنطق والتطبيق العملي، بل بعيد حتى عن روح هذا الدين لأن اهتمامه دائما بالجوهر لا بالشكليات. والمسلمون مطلوب منهم أن يقرءوا القرآن في صلاتهم وفي صلاة
______________________________
(1) قضايا قرآنية ص - 33، والقرآن - لبلاشير طبعة دار الكتاب اللبناني - بيروت ص - 38.

الصفحة 483