كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث ولأية جوابا لمستخبر، ويوقف جبريل النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - على موضع الآية والسورة. فاتساق الآيات والحروف كله عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - فمن قدم سورة أو آخرها فقد أفسد نظم القرآن الكريم] «1».
وقال الكرماني في البرهان: [ترتيب السور هكذا هو عند اللّه في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب وكان - صلّى اللّه عليه وسلم - يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه وعرضه عليه في السنة التي توفي فيها مرتين .. ] «2».
وقال الطيبي: [أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقا على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ] «3».
واستدل هؤلاء بأدلة منها:
أ - إجماع الصحابة على ترتيب المصحف الذي كتب في عهد عثمان ولم يخالف في ذلك أحد منهم حتى من كان عنده مصاحف مكتوبة على ترتيب آخر.
ب - مما يدل على التوقيف أن الحواميم رتبت ولاء أي متتابعة وكذلك المفصل في حين المسبحات قد فرقت في القرآن. كما فصل بين طسم الشعراء، وطسم القصص، بطس النمل مع أنها أقصر منها. فلو كان الترتيب اجتهاديا لما حصل التفريق بين المتماثلات من هذه السور.
قال أبو جعفر النحاس: المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - لحديث واثلة «أعطيت مكان التوراة السبع الطوال» «4».
سئل أصحاب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - كيف تحزبون القرآن! قالوا: نحزبه
______________________________
(1) انظر الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/ 62.
(2) نفس المرجع 1/ 62.
(3) نفس المرجع 1/ 62.
(4) مسند الإمام أحمد 4/ 107.

الصفحة 503