كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

مدخل للرد:
إن الاختلاف في الأحرف السبعة ليس اختلاف تضاد، فلا يوجد حرف منها يناقض الحرف الآخر. فلا يوجد حرف يثبت عقيدة، أو تشريعا، أو مبدأ أخلاقيا، وحرف آخر ينفيه.
وهذا الاختلاف في القراءات لا يخرج عن ثلاثة أحوال:
أ - أن تختلف القراءتان في اللفظ وتتفقا في المعنى.
ومن هذا النوع ما يرجع الاختلاف فيه للغات.
مثال ذلك: كلمة (الصراط) «1» بالصاد، أو بالسين «2».
وكلمة (البخل) «3» بضم الباء وسكون الخاء، أو بفتحهما «4».
ب - أن تختلف القراءتان في اللفظ والمعنى معا مع صحة المعنيين جميعا، ولا يمكن الجمع بينهما، ولكن ليس بين المعنيين تناقض وتعارض.
ومثال ذلك قوله تعالى: وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها .. «5».
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (ننشرها) بالراء أي نحييها.
وقرأ الباقون: (ننشزها) بالزاي أي نرفعها ونضم بعضها إلى بعض حتى تلتئم وتجتمع.
والمعنيان مع اختلافهما لا يتناقضان. بل يكمل بعضها بعضا. لأن اللّه تعالى إذا أراد بعث الخلائق ضم عظامهم بعضها إلى بعض حتى تجتمع ثم يحييها للجزاء.
______________________________
(1) سورة الفاتحة آية (6).
(2) حجة القراءات لابن زنجلة ص 80 وكلها قراءات سبعية.
(3) سورة النساء آية: (37).
(4) حجة القراءات ص 203.
(5) سورة البقرة آية: (259).

الصفحة 513