كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

وتأكد لنا أن القراءات الصحيحة المتواترة تكون معانيها دقيقة وواضحة كل الوضوح ولا تعارض بينها ولكن قد يصعب فهم سرها على أمثال هؤلاء المستشرقين لجهلهم بهذا العلم الدقيق.
ج - تنزيها لنبي من الأنبياء - عليهم السلام - أو لأبنائهم أو أتباعهم مثالها قوله تعالى: وما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ «1».
قال «جولد تسيهر»: [إن بعضهم شك في أن النبي عمل عملا لم يخل من المؤاخذة تماما في بعض أمور يفسح المجال لأدنى افتراض ينسب إلى الرسول عملا بقراءة الفعل (يغل) مبنيا للمجهول .. ].
الجواب:
هاتان القراءتان متواترتان ثبت قراءتهما عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - فقد قرأ بالبناء للمعلوم (يغل) ابن كثير وأبو عمرو وعاصم. وقرأ الباقون بالبناء للمجهول (يغل) ولفظة (الغل) تفيد الخيانة في خفاء.
قال بعض اللغويين هي مأخوذة من الغلل. وهو الماء الجاري في أصول الشجر والدوح.
قال أبو عمرو: تقول العرب: أغل الرجل يغل إغلالا: إذا خان ولم يؤد الأمانة ومنه قول النمر بن تولب:
جزى اللّه عني جمرة ابنة نوفل ... جزاء مغل بالأمانة كاذب

أو تقول من (الغل) الذي هو الضغن. غل يغل بكسر الغين ويقولون في الغلول من الغنيمة غل يغل بضم الغين. والغلول في الآية في كلا القراءتين لا ينسب للرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - كما ظن ذكر «جولد تسيهر» بل لمن أخذ من الغنيمة من المسلمين خفاء قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير: فقدت قطيفة حمراء
______________________________
(1) سورة آل عمران: 161.

الصفحة 520