كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

لاقتضى القياس استعماله؛ لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيرا فاستحق الفصل بغير أجنبي أن يكون له مزية فيحكم بجوازه مطلقا. وإذا كانوا قد فصلوا بين المضافين بالجملة في قول بعض العرب «هو غلام - إن شاء اللّه - أخيك، فالفصل بالمفرد أسهل .. ».
أما قراءة الجمهور: (زين) بفتح الزاي والياء على ما يسمى فاعله، ونصبوا (قتل) ب (زين) وخفضوا (الأولاد) لإضافة (قتل) إليهم، حيث أضافوه للمفعول. ورفعوا (شركاؤهم) بفعلهم التزيين فهو الأصل، والمصدر يضاف إلى المفعول به أو إلى الفاعل، لأنه هو أحدثه ولأنه لا يستغنى عنه، ويستغني عن المفعول، وإنما جاز أن يضاف إلى المفعول كما جاز أن يقوم المفعول مقام الفاعل. ولا يحسن أن يرتفع (الشركاء) بالقتل لأن فعل (زين) يبقى بغير فاعل. و (الشركاء) ليسوا قاتلين إنما هم مزينون، والقاتلون هم المشركون حيث زين لهم شركاؤهم قتل أولادهم «1».
فعلى هذا يظهر لنا صحة القراءتين: أما طعن «جولد تسيهر» بالقراءة السبعية ومن قبله «الزمخشري» ليس بحجة على ثبوت قراءة صحيحة أو عدم ثبوتها فالقراءة عندنا سنة متبعة إن ثبتت لا حجة لأحد لإبطالها عقلا أو لغة أو غير ذلك فالقراءة الصحيحة حجة على اللغة وغيرها لا العكس.
المسألة الرابعة:
4 - التناقض في القراءة لتحقيق إحدى العلاقات التاريخية:
استشهد «جولد تسيهر» لهذه القاعدة بقوله تعالى في سورة الروم:
غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ حيث قال:
[و قد يحدث أن يستبعد المعنى المفهوم من النص المشهور تماما، ويوضع مكانه ما هو نقيضه. ويقدم مطلع سورة الروم ذكرا لإحدى العلاقات التاريخية
______________________________
(1) النشر في القراءات العشر - لابن الجزري 2/ 263 - 265.

الصفحة 529