كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

المعاصرة .. ثم قال: ونرى أن في القراءة المشهورة والقراءة المخالفة لها تأويلين متغايرين تغايرا بعيدا. فالمنتصرون في القراءة المشهورة هم المنهزمون في القراءة المخالفة. والفعل المبني للفاعل في الأولى مبني للمفعول في الثانية، وإذا فهما قراءتان وتأويلان لجملة واحدة من كلام اللّه متعارضان إلى أبعد مدى .. ].
الجواب:
هذه الآية فيها قراءتان:
الأولى: «غلبت .. سيغلبون» وهذه القراءة متواترة.
أما القراءة الثانية «غلبت .. سيغلبون» فهي قراءة شاذة وهذه القراءة منسوبة للإمام علي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنهما -.
فمعنى القراءة المتواترة أن الروم الذين هزمهم الفرس موعودون بالنصر في مرة أخرى على أعدائهم.
أما معنى القراءة الشاذة: أن الروم الذين انتصروا على بعض القبائل العربية على الحدود السورية، سيهزمهم المسلمون في بضع سنين. فالمعنى في كلا القراءتين واضح لا لبس فيه ولا تناقض بينهما كما فهم «جولد تسيهر».
أما الصواب فهو القراءة المتواترة والذي يؤيدها سبب نزولها الذي رواه الإمام الواحدي في كتاب (أسباب النزول) عن ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب وقد غلبهم المجوس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم. فكيف غلب المجوس وهم ليسوا أهل كتاب فسنغلبكم كما غلب فارس الروم فأنزل اللّه الم غُلِبَتِ الرُّومُ .. «1» «2».
______________________________
(1) سورة الروم: 1 - 3.
(2) أسباب النزول، الواحدي 2/ 35.

الصفحة 530