كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

على لسان الحسن - رضي اللّه عنه - «إن خمر الجنة أشد بياضا من اللبن».
أما قراءة عبد اللّه «صفراء» فهي وصف لخمر الدنيا بعد المزج وإلا فهي قبله حمراء.
وجاء وصفها بالصفار بقول أبي نواس:
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء

وجاء وصفها قبل المزج «بالحمار» بقول الشاعر:
وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... آتت في ثيابي نرجس وشقائق

حكت وجنة المحبوب صرفا فسلطوا ... عليها مزاجا فاكتست لون عاشق «1»

فمن هنا يظهر أن الوصفين جاءا للخمر أحدهما قبل مزجها والآخر بعده فقراءة الجمهور «بيضاء» جاءت لأحدهما، والوصف الثاني «صفراء» جاء للوصف الثاني منهما.
فلا مسخ للقراءة. والذي يؤخذ به من القراءتين قراءة الجمهور وهي السبعية المتواترة. ولأن القراءة تؤخذ بالرواية لا بالاجتهاد.
أما قراءة ابن مسعود فهي لم تثبت فهي تعتبر آحادية التلاوة «تفسيرية للنص» فلا تعد قرآنا.
بهذا الرد يظهر لنا جليا سوء نوايا «جولد تسيهر» في أقواله في القراءات، كما يظهر انجرار أصحاب الموسوعة البريطانية خلفه حيث تبنوا أقواله في هذا الأمر الخطير.
والأمر الذي ناقشته كون الاختلاف في القراءات ناتج عن اجتهاد من الصحابة لجرأتهم وحريتهم الفكرية في الخروج عن النص فوضحت أن القراءة «سنة متبعة» لا يجوز فيها الاجتهاد والتشهي وإنما مدارها على النقل والرواية الصحيحة.
______________________________
(1) الجامع لأحكام القرآن 15/ 78، وروح المعاني 12/ 87.

الصفحة 536