كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

ثم استدل بقصة كاتب الوحي عبد اللّه بن أبي السرح واستدل بعدها بقصص وأخبار استقاها من (كتاب الأغاني) كلها من باب النوادر.
واستدل ببعض القراءات التي مرجعها الاختلاف اللهجي الناتج عن الرسم العثماني «1».
الجواب:
تخيل كثير من المستشرقين أن للصحابة والتابعين القدرة على التدخل في النص القرآني، من أن يجعلوه أكثر وضوحا، أو من أجل أن يقيموا خطأه في الشكل أو الصيغة، أو من أجل أن يضمنوه بعض الاتجاهات العقائدية أو اللاهوتية. على حد تعبير المستشرقين بزعمهم.
فالباعث لهم في عملهم هذا في نظر هؤلاء المستشرقين غموض النص أو استعماله غير الأفصح في الشكل أو الصيغة، أو استغلال القرآن لمصالحهم وأهدافهم الدينية. وهذا كله يدل على جهل هؤلاء المستشرقين بحقيقة القراءات القرآنية. لأنهم كانوا يستشهدون بالروايات الشاذة أحيانا وأحيانا يستشهدون بما صح منها ولكنها لم تصل إلى حد التواتر، أو يستشهدون بما تواتر منها ولكنهم يحملون المعنى على غير ما تحتمله القراءة. وخير دليل على ما أقول ما استشهد به المتبنون لهذه الفرية من أدلة، كآية سورة آل عمران السابقة الذكر «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر «2» * ويستعينون اللّه على ما أصابهم» المنسوبة لعثمان - رضي اللّه عنه - وهذه القراءة هي قراءة آحاد لا يعتد بها ولا تعتبر قرآنا لعدم استيفائها شرط التواتر ويؤكد ردها إحراق عثمان - رضي اللّه عنه - المنسوبة له هذه القراءة لكل مصحف احتوى أمثال هذه القراءات.
______________________________
(1) نفس المرجع ص 93 - 94.
(2) سورة آل عمران: 104.

الصفحة 539