كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

6 - كما أن عثمان - رضي اللّه عنه - لما كتب المصاحف، لم يكتف بإرسالها وحدها. بل أرسل مع كل مصحف مقرئا يعلم الناس القراءة كما تلقاها من الحضرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. ولم يكتف بالمرسوم فيها مما يدل أن التلقي والنقل هو الأساس ولا يكفي الرسم «1».
ويكفي أن هذا الكتاب أو كل حفظه للّه سبحانه وتعالى ولم يملك أحد فيه أي تغيير ولا تبديل حتى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - قال تعالى: .. قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ. إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ «2» فمن باب أولى أن لا يملكه الصحابة أو التابعون أو القراء من بعده. والذي يريد المزيد من هذه الأدلة فعليه بكتاب الأستاذ شلبي (رسم المصحف العثماني).
فهذه الأدلة تظهر بطلان مزاعم القائلين بهذا الرأي ويظهر صحة الروايات القرآنية الثابتة بطريق التواتر، ويعتبر كل قراءة منها قرآنا يثبت فيه الإعجاز. ولا يقبل منها الشاذ ولا الضعيف الواهي الذي اختل فيه ركن من أركان القراءة الصحيحة وهي:
1 - موافقة العربية ولو بوجه.
2 - موافقة رسم أحد المصاحف العثمانية.
3 - صحة السند. «3» والآن بقي أن أرد على بعض الأمثلة التي دلل بها هؤلاء المستشرقون على أقوالهم لأبين خطأها وأوجهها التوجيه الأقوم.
فمن الأمثلة التي استدل بها هؤلاء على أن سبب الاختلاف عدم تحلية الهيكل المرسوم بالنقط.
______________________________
(1) القراءات في نظر المستشرقين والملحدين ص 48.
(2) سورة يونس: 15.
(3) منجد المقرئين ص 15 - 17.

الصفحة 547