كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

وثانيهما:
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ولا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً «1» حيث أشار «جولد تسيهر» أن بعض الثقات قرأ ب «فتثبتوا» وهاتان القراءتان متواترتان صح وثبت نقلهما عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - فسبب الاختلاف فيهما إذن ليس احتمال الرسم للقراءات بل بسبب ثبوت ذلك عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - وتعليمه صحابته وجوه القراءة.
فالآية الأولى قرأ ب «نشرا» بالنون المضمومة وبالشين المضمومة الإمام نافع وابن كثير. وقرأ ابن عامر وأبو عمرو «نشرا» بضم النون وسكون الشين.
وقرأ حمزة والكسائي «نشرا» بضم النون وفتح الشين. وقرأ عاصم «بشرا» بالباء المضمومة والشين الساكنة «2» فهذه القراءات جميعها متواترة صحيحة المعنى ويسهل توجيهها مع العربية.
أما الآية الثانية فقد قرأ حمزة والكسائي بالثاء «فتثبتوا» من التثبيت في هذا الموضع، وفي سورة الحجرات كذلك وقرأ الباقون «فتبينوا» بالياء، من التبيين «3».
فهذه القراءات كما قلت صحيحة متواترة ثابتة في النقل والرواية عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - وهو سبب الاختلاف فيها لا احتمال الرسم كما زعموا.
الخلاصة:
ظهر من خلال ردنا على القراءات السابقة أن كلام هؤلاء المستشرقين لا يستند إلى دليل علمي ولا نظرة مجردة من الحقد والهوى والسطحية.
______________________________
(1) سورة النساء: 94.
(2) انظر الكشف عن وجوه القراءات - مكي 1/ 465.
(3) نفس المرجع 1/ 394.

الصفحة 549