كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

ب - الأخطاء الناتجة عن خطأ النساخ في رسم المصحف - في زعم نولديكه -:
الشبهة الأولى:
زعم «نولديكه» أن بعض القراءات كان سبب الاختلاف فيها يعود لخطأ النساخ أثناء نسخهم للمصحف العثماني، أو لأنه لحن وترك في القرآن لأن العرب ستقيمه بألسنتها، وأكد هذا بذكر بعض الروايات المنسوبة لبعض الصحابة - كعثمان وابن عباس وعائشة - رضوان اللّه عليهم - «1».
والآن سأعرض للأدلة التي اعتمد عليها لشبهته للرد عليها:
1 - زعم أن المسلمين الأوائل وجدوا في المصحف العثماني أخطاء بدليل أن عثمان - رضي اللّه عنه - لما وجد بعض هذه الأخطاء قال للجنة: (لا تغيروها لأن العرب ستصححها بألسنتها. ولو كان الكاتب من ثقيف والمستكتب من هذيل لما وجدت فيه هذه الأشكال) (التعابير) «2».
الجواب:
هذا الحديث جاء بروايتين ضعيفتي الإسناد مضطربتي المتن تذهب الثقة بهما وتردهما.
أما الرواية الأولى فهي من طريق عكرمة عن عثمان - رضي اللّه عنه - والرواية الثانية من طريق يحيى بن يعمر عن عثمان - رضي اللّه عنه - وكلاهما لم يسمعا من عثمان - رضي اللّه عنه - شيئا ولم يرياه.
وهذا الحديث قد رده أكثر من عالم منهم أبو القاسم الشاطبي، والجعبري، وأبو عمرو الداني الذي قال في المقنع معلقا عليه: «هذا الخبر عندنا لا تقوم بمثله حجة ولا يصح به دليل من جهتين:
______________________________
(1) تاريخ القرآن - نولديكه 3/ 2 وما بعدها.
(2) تاريخ القرآن - نولديكه 3/ 2 وما بعدها.

الصفحة 555