كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

الشبهة الثالثة:
حاول «نولديكه» أن يثبت دعواه أن هناك أخطاء من كتاب المصاحف في المصحف ببعض الأدلة. زاعما أن سبب قبولها لدى المسلمين يعود لسذاجتهم في تقديس هذا القرآن الكريم. زاعما أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - نسب بعض الأخطاء في القرآن الكريم للكتاب وأن هذا بدوره أدى لوجود القراءات القرآنية ودخول التحريف للقرآن الكريم.
والأمثلة التي ذكرها «نولديكه» ونسبها لابن عباس - رضي اللّه عنه - وهي:
1 - «تستأنسوا» بدلا من «تستأذنوا».
2 - «ييئس» بدلا من «يتبين».
3 - «وقضى» بدلا من «ووصى».
4 - «مثل نوره كمشكاة» بدلا من «مثل نور المؤمن كمشكاة» «1».
الجواب:
المعروف أن الصحابة - رضوان اللّه عليهم - كان اهتمامهم بالقرآن عظيما حتى أثنى عليهم اللّه - عز وجل لمعرفتهم به نتيجة هذا الاهتمام وكانوا يحرصون أن يتلقوه من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - مباشرة، أو ممن تلقاه منه إن تعذر لهم الأول.
ولم يسمحوا لأنفسهم أن يلحنوا بشيء منه، وقصة خلاف عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم - رضي اللّه عنهما - مشهورة لمّا ظن عمر - رضي اللّه عنه - أن هشاما أخطأ في تلاوته لسورة الفرقان لقراءته بحرف غير حرفه. وعثمان - رضي اللّه عنه - لم يترك في المصحف حروفا رسمت فيها خطأ حتى إنه أمسك الدواة وأصلحها، والشواهد على هذا كثيرة وسبق الإشارة لها «2» وقبل كل هذا
______________________________
(1) تاريخ القرآن - نولديكه 3/ 2 - 4.
(2) انظر ص 399 من الرسالة.

الصفحة 565