كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)
حفظ اللّه - سبحانه وتعالى - هذا الكتاب حتى إنه جعل جبريل - عليه السلام - يدارسه للرسول - صلّى اللّه عليه وسلم - مرة في كل عام. وقد ثبت مدارسته له في آخر سنة من حياته مرتين. كل هذا ليبقى هذا القرآن خاليا من الزلل والخطأ، ويقرأ غضا طريا كيوم نزوله أول مرة فأين دعوى السذاجة المزعومة عند الصحابة؟ وأين ما نسبه «نولديكه» لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - من ادعاء أنه نسب بعض الأخطاء للكتبة، أو ما نسبه لبعض الصحابة - رضوان اللّه عليهم -.
والآن سأناقش الأمثلة التي استدل بها «نولديكه» لإظهار عوارها.
[الأمثلة التي ذكرها «نولديكه» ونسبها لابن عباس - رضي اللّه عنه -]
1 - المثال الأول:
«تستأنسوا» والصواب «تستأذنوا» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَانِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «1».
نسب «نولديكه» هذا المثال لابن عباس - رضي اللّه عنه - وأنه أخطأ قراءة «تستأنسوا» وصوّب «تستأذنوا» وهذه الدعوى بحد ذاتها افتراء على ابن عباس - رضي اللّه عنه - قال أبو حيان: [و من روى عن ابن عباس أن قولة «تستأنسوا» خطأ من الكاتب أو وهم من الكاتب وأنه قرأ «تستأذنوا» فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين وابن عباس بريء من هذا القول] «2».
وقال الخازن - رحمه اللّه -: [و في هذه الرواية نظر، لأن القرآن ثبت بالتواتر] «3».
وقد صح الإجماع والقراءة المتواترة الصحيحة ب «حتى تستأنسوا» لذا لا يجوز خلافها، وإطلاق الخطأ والوهم على الكاتب في لفظ أجمع الصحابة عليه وأخذوه بالتلقي قول لا يصح.
______________________________
(1) سورة النور: 27.
(2) تفسير البحر المحيط 6/ 445.
(3) تفسير الخازن 5/ 66.