كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)
بهذا يظهر لنا بطلان ما نسب لابن عباس - رضي اللّه عنهما - وثبوت قراءة «حتى تستأنسوا» واللّه تعالى أعلم.
2 - ييئس بدلا من يتبين:
قال «نولديكه» روي عن ابن عباس أنه قرأ «أ فلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعا» فقيل له: إنها في المصحف أ فلم بيئس الذين آمنوا .. «1» الآية فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس «2».
الجواب:
هذا القول لا يصح نسبته لابن عباس - رضي اللّه عنه - وإنما الذي هو ثابت في حقه تفسيره لها ب «أ فلم يتبين».
ويؤكد هذا ما علق عليه الإمام أبو حيان على هذه الرواية قائلا: [و أما قول من قال: إنما كتبه الكاتب وهو ناعس فسوى أسنان السين فقول زنديق ملحد] «3».
وابن عباس وغيره من الصحابة - رضوان اللّه عليهم - كانوا يفسرون كلمة «أ فلم بيئس» أ فلم يتبين. لذا فهي قراءة تفسيرية.
قال الزمخشري: [إن عليا وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين قرءوا أ فلم يتبين وهو تفسير «أ فلم بيئس».
أما زعمه أن الكاتب كتبها وهو ناعس فهو مما لا يعقل ولا يصدق على كتاب اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكيف يخفى مثل هذا. حتى يبقى ثابتا بين دفتي المصحف الإمام وكان متقلبا في أيدي أولئك الأعلام المحتاطين في دين اللّه المهيمن عليهم لا يغفلون عن جلائله ودقائقه،
______________________________
(1) سورة الرعد الآية 31.
(2) تاريخ القرآن لنولديكة 3/ 2 - 4.
(3) تفسير أبي حيان 5/ 393.