كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)
البتة بالإجماع، لأن زمن الخطاب عهد النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - والإمامة نيابة للنبوة بعد موت النبي، فلما لم يكن زمن الخطاب مرادا لا بد أن يكون ما أريد به زمانا متأخرا عن موته - صلّى اللّه عليه وسلم - ولا حد للتأخير يدعم دعواهم.
هذا الدليل كما دل على نفي إمامة الأئمة المتقدمين كما قرروا، يدل على سلب الإمامة عن الأئمة المتأخرين «1».
فمما تقدم يظهر لنا أن المراد بالولاية هنا النصرة. فالخطاب يبين للمؤمنين أن لا ناصر لهم إلا اللّه سبحانه ورسوله والذين آمنوا الذين من صفاتهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون للّه سبحانه «2».
فالآية تحدد جهة الولاء (التناصر) الوحيدة التي تتفق مع صفة الإيمان كما بينت لهم من يتولون ليكون الولاء للّه خالصا، والثقة به مطلقة وليكون الإسلام هو الدين، والتناصر بين العصبة المؤمنة فحسب «3».
والذي يؤكد هذا سبب النزول المنسوب لعبد اللّه بن سلام قال جابر بن عبد اللّه: جاء عبد اللّه بن سلام إلى النبي - صلّى اللّه عليه وسلم - فقال: يا رسول اللّه إن قوما من قريظة وبني النضير قد هجرونا وفارقونا، وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، وشكى ما يلقى من اليهود فنزلت هذه الآية «4».
2 - زعم البحراني أن قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ «5» تنص على ولاية علي - رضي اللّه عنه - وأن من استقام على ولايته دخل الجنة ومن خالفها دخل النار.
______________________________
(1) مختصر التحفة الاثنى عشرية لشاه عبد العزيز علام حكيم الدهلوي، الاختصار السيد محمود شكري الآلوسي ص 141 وما بعدها.
(2) تفسير الطبري 6/ 186 والمرجع السابق ص 143.
(3) في ظلال القرآن - سيد قطب 2/ 920.
(4) أسباب النزول للواحدي ص 129.
(5) سورة الذاريات: 8.