كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)
الشبه والمطاعن بهذا المنهج كانت تطلق من المبشرين المتعصبين ولغرض ديني وهو منهج القرون الوسطى.
كان أصحاب هذا المنهج يتصورون أنهم بذلك سيدخلون الناس في النصرانية ويسببون لهم الردة عن الإسلام. لكن هذا المنهج لم يكن له أثر يذكر.
بل ربما أتى بالعكس لأنه يهيج العاطفة الإسلامية ويدفع المسلم زيادة في التمسك بدينه؛ لذلك غيروا خطتهم وسلكوا منهجا آخر وهو الاحتكاك اليومي في التعليم أو الطب أو ملاجئ الأيتام وغيرها.
وقد حدد (المرود وغلاس) فائدة هذا المنهج في مقالة بعنوان (كيف نضم إلينا أطفال المسلمين في الجزائر) قال: (إن هذه السبل لا تجعل الأطفال نصارى، ولكنها لا تبقيهم مسلمين كآبائهم، ومثل هذه الجهود ما يبذله المبشرون في شمال إفريقية ومصر) «1».
ومن هذه الأكاذيب التي مصدرها الحقد النصراني الأعمى على الإسلام ما نشره الأدباء الغربيون في القرون الوسطى أن المسلمين قوم وثنيون يعتقدون بألوهية محمد وأنهم يعبدون ثلاثة آلهة محمد (ما هولت) والقرآن (ترافاجن) اللّه (أبوليق) كما جاء هذا في أغنية «رولات» الشهيرة «2».
2 - الإيهام والتشكيك والنقد الجائر للإسلام العظيم: لم يترك المستشرقون جانبا من جوانب الإسلام إلا وهاجموه بالنقد الجائر والتشكيك الفاضح ابتداء بالقرآن الكريم وانتهاء بسنته - صلّى اللّه عليه وسلّم - وسيرته، محاولين طمس كل معالم المجد والخير في التاريخ الإسلامي.
وقد سلك المستشرقون في هذا المنهج بدراسات منظمة، وأسلوب جذاب يجذب القارئ البسيط الذي لم ينل من التعليم الصحيح عن دينه وتاريخه وحاضر أمته إلا قليلا. ووصل بهم الأمر أن سمموا به فكر كثير من المثقفين في وقت
______________________________
(1) الغزو الفكري ص 228. والمستشرقون والإسلام - اللبان ص 36.
(2) التبشير والاستشراق - طهطاوي ص 38.
الصفحة 78
972