كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 1)
كانت الأجيال مهزومة سياسيا ونفسيا، وموصومة بالتخلف ماديا وحضاريا، ومفرغة من أصالتها روحيا وعلميا ومحرومة من التربية الإسلامية الصحيحة مبهورة بالحضارة الغربية.
وقد عمل المستشرقون جهدهم في تربية فئة من أبناء المسلمين على هذه الأفكار وصدّروهم مراكز علمية أو أدبية ليسهل على الأمة تجرعها وكان على رأس هؤلاء الدكتور: «طه حسين» الذي أطلقوا عليه ظلما «عميد الأدب العربي» فهاجم الإسلام عامة والقرآن والسنة واللغة العربية خاصة وكان أساتذته في هذه الأباطيل. «ود. جويدي» الإيطالي و «ماسينيون» اليهودي الفرنسي، و «مرجليوث» الإنجليزي «1».
ومن الأمثلة التي تؤكد حكمهم على الأشياء بمجرد الوهم دون اتباع الحقيقة فيها. واعتمادهم على المراجع الواهية زعم «جولد تسيهر» أن «أبا حنيفة النعمان» - رحمه اللّه - لم يكن يعرف هل كانت معركة بدر قبل أحد أم كانت أحد قبلها! معتمدا «جولد تسيهر» في ذلك على كتاب الحيوان للدميري.
ولا شك أن أقل الناس اطلاعا على التاريخ يرد مثل هذه الرواية المكذوبة فأبو حنيفة من أشهر أئمة الإسلام الذين تحدثوا عن أحكام الحرب في الإسلام حديثا مستفيضا في فقهه الذي أثر عنه وفي كتب تلامذته الذين نشروا علمه ك «أبي يوسف» و «محمد». فيستحيل على العقل أن يصدق بأنه كان جاهلا بوقائع سيرة الرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم - ومغازيه وهي التي استمد منها فقهه في أحكام الحرب.
زيادة على ذلك أن المرجع الذي اعتمده «جولد تسيهر» ليس كتاب فقه ولا تاريخ. والدميري ليس مؤرخا وإنما حشر في كتابه كل ما يرى إيراده. من حكايات ونوادر تتصل بموضوع كتابه من غير أن يعنّي نفسه البحث عن صحتها «2».
______________________________
(1) الغزو الفكرى ص 228.
(2) الاستشراق والمستشرقون، د. مصطفى السباعي ص 44 - 45.
الصفحة 79
972