كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

وبعد فترة ثاب إلى نفسه وبدأ في تغيير حياته وإصلاحها. وأقبل على التعلم من جديد ثم ألف عددا من الكتب في السيرة النبوية والتاريخ وكان لإخفاق الثورة الهندية عام 1857 م نقطة تحول في حياته حيث رأى الدمار والخراب الذي لحق بلده فلهذا وقف يناصر الإنجليز ويساعد في حمايتهم ونجى بعض عائلاتهم من القتل.
وقد أيقن أن ولاء المسلمين للإنجليز هو السبيل الوحيد لإنقاذهم كل ذلك لفرط إعجابه بهم لذلك سعى طيلة حياته ليحقق هدفه المنشود وهو تقليد المسلمين للإنجليز والحضارة الغربية في كل شيء حتى وصفه وزمرته التي حوله الصحفي (ماكدونالد) بقوله: (إنجليز في كل شيء باستثناء العناصر الأساسية لعقيدتهم الدينية) والذي زاد من تعلقه بالغرب زيارته لبريطانيا ففي عام 1869 م سنحت الفرصة لسيد خان لزيارة انجلترا. وكانت رغبته كما كتب في خطاب قبل سفره أن يطلع بنفسه على العظمة الباهرة للحضارة الغربية في مهدها. لا ليستفيد هو وحده من هذه التجربة بل ليستفيد قومه أيضا. لأنه حين يعود سوف يعلمهم ما تعلمه ويضع نفسه نموذجا لهم في الاقتباس من الغرب.
ومكث سيد خان في لندن سبعة عشر شهرا كان فيهما ضيفا مبجلا، وزائرا كريما، وصديقا عزيزا في الإنجليزية المحترمة، وحضر المآدب الملكية الفخمة والولائم الارستقراطية التي تمثل الحضارة الأوربية في أروع مظاهرها، وأخلاق الطبقة الحاكمة وطبقة الأشراف، ونال الوسام الملكي ولقب الشرف، وقابل الملكة وولي العهد والوزراء الكبار، واختير عضوا فخريا في الجمعيات العلمية ذات الشرف الكبير، وحضر حفلة نادي المهندسين الكبار واطلع على المشاريع والخطط التقدمية التي مرت بها البلاد في الزمن القريب والتي أحدثت ثورة وانقلابا في الأوضاع وفي مستوى البلاد ومكنتها من بسط نفوذها وسيطرتها الفكرية.
وعاد سيد خان إلى بلاده ونفسه ممتلئة إعجابا بما شاهد ورأى وأخذ على عاتقه بعد عودته إلى بلاده أن يفتح أعين المسلمين إلى عظمة الحضارة الغربية وكانت وسيلته إلى ذلك ثلاثة مبادئ:

الصفحة 791