كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

وقد حاول «بالجون» أن يضع اتجاهات التفسير الحديثة بين خيارين إما الطريقة القديمة وهي بالتمسك بالقديم والعقيدة الواحدة وهنا سيكون التفسير مجرد ترداد للقديم واجترار للماضي فهو جامد ومتخلف ولا جديد فيه.
وإما أخذ بمبادئ الحضارة الغربية والاستجابة لنداء النهضة الحديثة والإيمان بأساطيرها ونظرياتها وفلسفاتها فيكون نتيجة لذلك فساد في القيم وتباين في العقائد واضطراب في النصوص القرآنية وهذا هو ما يريدونه ويدعون إليه باسم الإسلام العصري بمفهومهم للتجديد.
وقد زعم «بالجون» أن الإسلام وحده هو الذي عنده القابلية للسير في هذا الطريق لطبيعته اللينة أما الكتب السابقة فهي ثابتة لا تتغير ودائمة مع طول السنين التي مرت عليها وهذا مخالف لما عرفنا من الكتب السابقة حيث تعرضت لنفس المطلب لإصلاح الناس ومسايرة علومهم ومعارفهم لروح العصر «1».
أما التفسير الحديث فليس كما زعم «بالجون» جامدا لا جديد فيه بل حمل في طياته روح الابتكار، وركز على جانب الهداية الربانية التي من أجلها أرسل الرسل فلبس التفسير ثوبا أدبيا اجتماعيا جميلا أظهر روعة القرآن وكشف عن مراميه الدقيقة وأهدافه السامية ووفق بين القرآن والنظريات العلمية بحذر بالغ فمن أجل هذا حذفت الاستطرادات التي تصرف النص عن غايته «2» واقتصر على الضروري منه مع مراعاة مستوى القارئ لتستفيد منه كل الفئات «3».
المبحث الخامس: موقف الغرب من العصرية في العالم الإسلامي:
يرقب الغرب الإسلام بعيون كثيرة، ولدوافع وأهداف متعددة منها:
______________________________
(1) نفس المرجع ص 99.
(2) نفس المرجع ص 104.
(3) اتجاه التفسير في العصر الحديث - محمد الطير ص 28.

الصفحة 827