كتاب آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره (اسم الجزء: 2)

في الهند والشيخ «محمد عبده» في مصر فقد جاء في وثائق المؤتمر [أن حركة التحرر في الإسلام لم تتطور هنا في مصر كما هي الحال في الهند، ولا يزال المسلمون هنا بعيدين بدرجة كبيرة عن الإسلام الجديد الذي نما في الهند، ولكن مع ذلك فإنه قد بدأت تنشأ في مصر حركة إصلاح تزداد أهميتها كل يوم، والذي يقود هذه الحركة هو المفتي الأكبر السابق «محمد عبده» الذي يدعو إلى العودة إلى القرآن مع عدم قبول الحديث كحجة في مسائل العقيدة، ويقال: إن له تأثيرا في صغار المشايخ والأفندية، إلا أن المشايخ كبار السن ينظرون له بعين الشك .. وبالرغم من كل شيء فقد ترك آثارا ويوجد الآن كثير من الشباب ممن تلقوا تعليما غربيا يحملون آراءه ويطورونها .. ولكن أهلية وذكاء أمثال هؤلاء الرجال الجدد تجعلنا نتحقق من ضرورة رعايتهم، رعاية شاملة ومخصوصة مع جهد ومثابرة متواصلة للاتفاق معهم] «1».
أما موقف الاستشراق من العصرية:
ينظر الاستشراق لهذه الحركة نظرة تفاؤل كنظرة المبشرين لها ويحاول الاستشراق بكل جهده دفع المسلمين للسير في هذا الاتجاه وقبوله وخير من يبين موقفهم من هذه الحركة المستشرق اليهودي «جولد تسيهر» في كتابيه (العقيدة والشريعة في الإسلام) و (مذاهب التفسير الإسلامي) في الفصل الأخير لكل منهما.
حيث قال في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام):
[إن اتصال المسلمين الوثيق بالمدنية الغربية، وخضوع الملايين الفقيرة منهم لدول غير إسلامية، .. قد أحدث أثرا عميقا في الطبقات الإسلامية المستنيرة ... من حيث التوفيق بالتوفيق بين الحياة والفكر الإسلامي، وبين مطالب الحضارة الغربية التي نفذت إليهما، شايعها على الأخص المستنيرون من مسلمي
______________________________
(1) مفهوم تجديد الدين ص 184 - 185.

الصفحة 829