كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 3)

وَدَلِيله: أَنه لَو كَانَ الْمُبَاح جِنْسا للْوَاجِب؛ لاستلزام النَّوْع - أَعنِي: الْوَاجِب - التَّخْيِير بَين فعله وَتَركه، والتالي ظَاهر الْفساد، فالمقدم مثله.
بَيَان الْمُلَازمَة: أَن الْمُبَاح مُسْتَلْزم للتَّخْيِير، وَإِذا كَانَ الْجِنْس مستلزما للتَّخْيِير، فَيكون الْوَاجِب - وَهُوَ نَوعه - مستلزما للتَّخْيِير.
الْقَائِلُونَ بِكَوْن الْمُبَاح جِنْسا للْوَاجِب قَالُوا: الْمُبَاح وَالْوَاجِب مَأْذُون فيهمَا، واختص بفصل: الْمَنْع من التّرْك، والمأذون الَّذِي هُوَ حَقِيقَة الْمُبَاح مُشْتَرك بَين الْوَاجِب وَغَيره، فَيكون جِنْسا لَهُ.
أُجِيب: بأنكم تركْتُم فصل الْمُبَاح، لِأَن الْمُبَاح لَيْسَ هُوَ الْمَأْذُون فَقَط، بل الْمَأْذُون مَعَ عدم الْمَنْع من التّرْك، والمأذون بِهَذَا الْقَيْد، لَا يكون مُشْتَركا بَين الْوَاجِب وَغَيره، بل يكون مباينا للْوَاجِب.
قَالَ الْأَصْفَهَانِي فِي " شرح الْمُخْتَصر ": (وَالْحق أَن النزاع لَفْظِي؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِن أُرِيد بالمباح الْمَأْذُون فَقَط، فَلَا شكّ أَنه مُشْتَرك بَين الْوَاجِب وَغَيره، فَيكون جِنْسا، وَإِن أُرِيد بالمباح الْمَأْذُون مَعَ عدم الْمَنْع من التّرْك، فَلَا شكّ أَنه يكون نوعا مباينا للْوَاجِب، فَلم يكن جِنْسا) انْتهى.
وَأَخذه من كَلَام الْآمِدِيّ، فَإِنَّهُ اخْتَار: (أَن الْمُبَاح لَيْسَ دَاخِلا فِي مُسَمّى الْوَاجِب، وَأَنَّهَا لفظية، فَإِن أُرِيد مَا أذن فِيهِ مُطلقًا فجنس للْوَاجِب وَالْمَنْدُوب والمباح بِالْمَعْنَى الْأَخَص، وَإِن أُرِيد مَا أذن فِيهِ وَلَا ذمّ فَلَيْسَ بِجِنْس) انْتهى.
وَظَاهر كَلَام كثير من الْعلمَاء: أَن الْخلاف معنوي.

الصفحة 1025