كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 5)

بَينهَا وَبَين الْمُشْتَرك فِي الحكم لاتحادهما، إِلَّا أَن القَاضِي أَبَا بكر الباقلاني قَالَ: لَا يَصح إِطْلَاق اللَّفْظ الْوَاحِد على الْحَقِيقَة وَالْمجَاز مَعًا، وَإِن صَححهُ فِي غَيره.
وَقَالَ: اسْتِعْمَاله فيهمَا محَال هُنَا؛ لِأَن الْحَقِيقَة اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِيمَا وضع لَهُ، وَالْمجَاز فِيمَا لم يوضع لَهُ، وهما متناقضان، فَلَا يَصح أَن يُرَاد بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة مَعْنيانِ متناقضان. انْتهى.
فعلى الأول مَحَله فِي الْحَقِيقَة مُقَدّمَة قطعا، مِثَال ذَلِك إِطْلَاق النِّكَاح للْعقد، وَالْوَطْء مَعًا إِذا قُلْنَا حَقِيقَة فِي أَحدهمَا مجَاز فِي الآخر؛ وَلذَلِك حمل قَوْله تَعَالَى: {أَو لامستم النِّسَاء فامسحوا} على الجس بِالْيَدِ، وَهُوَ حَقِيقَة، وعَلى الوقاع، وَهُوَ مجَاز.
وَمثله قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} [النِّسَاء: ١١] فَإِنَّهُ حَقِيقَة فِي ولد الصلب، مجَاز فِي ولد الابْن.

الصفحة 2414