كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 5)

وَأَيْضًا: {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} [الْأَحْزَاب: ٥٠] وَلَو كَانَ اللَّفْظ مُخْتَصًّا لم يحْتَج إِلَى التَّخْصِيص.
فَإِن قيل: الْفَائِدَة فِي التَّخْصِيص عدم الْإِلْحَاق بطرِيق الْقيَاس، وَلذَلِك رفع الْحَرج.
قُلْنَا: ظَاهر اللَّفْظ مُقْتَض للمشاركة؛ لِأَنَّهُ علل إِبَاحَة التَّزْوِيج بِرَفْع الْحَرج عَن الْمُؤمنِينَ، وَكَذَلِكَ قَضَاؤُهُ بالخصوية، فَالْقِيَاس بمعزل عَن ذَلِك.
وَأَيْضًا فِي مُسلم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَأَنا تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم! " فَقَالَ: لست مثلنَا يَا رَسُول الله، قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر، فَقَالَ: " وَالله، إِنِّي لأرجو أَن أكون أخشاكم لله وَأعْلمكُمْ بِمَا أتقي ".
وَرُوِيَ عَنهُ فِي القُبلة مثله، فَدلَّ من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَنه أجابهم بِفِعْلِهِ، وَلَو اخْتصَّ الحكم بِهِ لم يكن جَوَابا لَهُم.
الثَّانِي: أَنه أنكر عَلَيْهِم مراجعتهم لَهُ باختصاصه بالحكم، فَدلَّ على أَنه لَا يجوز الْمصير إِلَيْهِ.

الصفحة 2462