كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 6)

وَقَالَهُ الباقلاني، والصفي الْهِنْدِيّ، وَغَيرهمَا، وَضعف مُقَابِله؛ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيّ: لَو قَالَ: لي عَلَيْك مائَة، فَقَالَ: إِلَّا درهما لم يكن مقرا بِمَا عدا الْمُسْتَثْنى على الْأَصَح.
وَأما استناد من جوزه من متكلمين إِلَى أَن الْمِثَال السَّابِق فِي قَول الله تَعَالَى، وَقَول الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا بدع فِيهِ؛ لِأَن الْكَلَامَيْنِ كالواحد؛ لِأَنَّهُ مبلغ عَن الله تَعَالَى فَذَاك بِخُصُوص الْمِثَال، لَا فِي كل اسْتثِْنَاء من متكلمين.
وَلذَلِك احْتِيجَ فِي قَول الْعَبَّاس بعد قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَلَا يخْتَلى خلاه إِلَّا الْإِذْخر " فَقَالَ: " إِلَّا الْإِذْخر "، إِلَى تَأْوِيله بِأَن الْعَبَّاس أَرَادَ أَن يذكرهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالِاسْتِثْنَاءِ خشيَة أَن يسكت عَنهُ اتكالا على فهم السَّامع ذَلِك بِقَرِينَة، وَفهم مِنْهُ أَنه يُرِيد اسْتثِْنَاء؛ وَلأَجل ذَلِك أعَاد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الِاسْتِثْنَاء فَقَالَ: " إِلَّا الْإِذْخر " وَلم يكْتب باستثناء الْعَبَّاس.
فَكل ذَلِك يرشد إِلَى اعْتِبَار كَونه من مُتَكَلم وَاحِد، وَأطَال الْبرمَاوِيّ فِي ذَلِك.

الصفحة 2537