كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 6)

عَلَيْهِ بضد الحكم السَّابِق فَإِن مساقه هُوَ الحكم بذلك فنحو: {مَا لَهُم بِهِ من علم إِلَّا اتِّبَاع الظَّن} [النِّسَاء: ١٥٧] المُرَاد أَن لَهُم بِهِ اتِّبَاع الظَّن لَا الْعلم، وَإِن لم يكن الظَّن دَاخِلا فِي الْعلم، وَقس عَلَيْهِ.
لَكِن هَل يجْرِي الْخلاف فِي المفرغ؟
قيل: الظَّاهِر، لَا، وَأَن الِاسْتِثْنَاء فِيهِ إِثْبَات قطعا؛ لِأَن قَوْلك: مَا قَامَ إِلَّا زيد، لَيْسَ مَعَك شَيْء يثبت لَهُ الْقيام فَيكون فَاعِلا إِلَّا زيد فَيكون مُتَعَيّنا للإثبات بِالضَّرُورَةِ بِخِلَاف قَوْلك: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد.
وَحكى الْقَرَافِيّ فِي " العقد المنظوم " عَن الْحَنَفِيَّة أَنهم أجروا الْخلاف فِي المفرغ أَيْضا، قَالَ: ويلزمهم أَن يعربوا زيدا فِيمَا قَامَ إِلَّا زيد بَدَلا، لَا فَاعِلا وَيكون الْفَاعِل مضمرا، أَي: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد، لَكِن حذف الْفَاعِل مُمْتَنع عِنْد النُّحَاة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَإِن قلت: لَا بُد فِي الِاسْتِثْنَاء المفرغ من معنى مَحْذُوف يسْتَثْنى مِنْهُ وَإِن لم يقدر لَفظه على الْمُرَجح، فَالْقَوْل بجريان الْخلاف فِيهِ غير بعيد. انْتهى.

الصفحة 2613