كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 6)

لما فرغت من النّسخ الْمُتَعَلّق بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع شرعت فِي الْمُتَعَلّق بِالْقِيَاسِ، وَفِيه مَسْأَلَتَانِ: النّسخ بِهِ، والنسخ لَهُ.
أما النّسخ بِهِ - وَهِي مَسْأَلَتنَا - فَالصَّحِيح أَنه لَا ينْسَخ بِالْقِيَاسِ، وَعَلِيهِ أَصْحَابنَا وَالْجُمْهُور، قَالَه ابْن مُفْلِح، وَاخْتَارَهُ ابْن الباقلاني، وَنَقله عَن الْفُقَهَاء والأصوليين.
قَالَ: لِأَن الْقيَاس يسْتَعْمل مَعَ عدم النَّص فَلَا ينْسَخ النَّص؛ وَلِأَنَّهُ دَلِيل مُحْتَمل، والنسخ إِنَّمَا يكون بِغَيْر مُحْتَمل.
وَأَيْضًا: فَشرط صِحَة الْقيَاس أَن لَا يُخَالف الْأُصُول، فَإِن خَالف فسد.
قَالَ: بل، وَلَا ينْسَخ قِيَاسا آخر؛ لِأَن الْعَارِض إِن كَانَ بَين أُصَلِّي القياسين فَهُوَ نسخ نَص بِنَصّ، وَإِن كَانَ بَين العلتين فَهُوَ من بَاب الْمُعَارضَة فِي الأَصْل وَالْفرع، لَا من بَاب الْقيَاس.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَجه هَذَا القَوْل أَن الْمَنْسُوخ إِن كَانَ قَطْعِيا لم ينْسَخ بمظنون، وَإِن كَانَ ظنيا فَالْعَمَل بِهِ مُقَيّد برجحانه على معارضه وَتبين

الصفحة 3066