كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 6)

وَقَالَ الطوفي: وَهُوَ تَخْرِيج دوري؛ لِأَن هَذِه الْمَسْأَلَة أصولية وَمَسْأَلَة عزل الْوَكِيل فروعية فَهِيَ فرع على مَسْأَلَة النّسخ؛ لِأَن الْعَادة تَخْرِيج الْفُرُوع على الْأُصُول فَلَو خرجنَا هَذَا الأَصْل الْمَذْكُور فِي النّسخ على الْفَرْع الْمَذْكُور فِي الْوكَالَة لزم الدّور؛ لتوقف الأَصْل على الْفَرْع المتوقف عَلَيْهِ فَيصير من بَاب توقف الشَّيْء على نَفسه بِوَاسِطَة.
وَفرق الْأَصْحَاب بَين الْوكَالَة والنسخ بِأَن أوَامِر الله - تَعَالَى - ونواهيه مقرونة بالثواب وَالْعِقَاب فَاعْتبر فِيهَا الْعلم بالمأمور بِهِ والمنهي عَنهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِذْن فِي التَّصَرُّف، وَالرُّجُوع فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يتَعَلَّق بِهِ ثَوَاب وَلَا عِقَاب، وَلَيْسَ الحكم مُخْتَصًّا بالناسخ بل يَشْمَل الحكم الْمُبْتَدَأ.
وَفِيه أَيْضا الْخلاف ذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدّين.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي " مُخْتَصر التَّقْرِيب ": هَذِه الْمَسْأَلَة قَطْعِيَّة، وَذهب بَعضهم إِلَى إلحاقها بالمجتهدات حَتَّى نقلوا فِيهَا قَوْلَيْنِ من الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَكِيل إِذا عزل وَلم يبلغهُ الْعَزْل، فَقيل: يَنْعَزِل فِي الْحَال، وَقيل: لَا، كالنسخ، وَمِنْهُم من عكس فَخرج مَسْأَلَة النّسخ على قولي الْوكَالَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ القَاضِي الباقلاني فِي " التَّقْرِيب ".

الصفحة 3091