كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 8)
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة ": " فصل: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: الصَّبِي يتَصَوَّر مِنْهُ الِاجْتِهَاد وَيصِح، وَعند الْمُعْتَزلَة: يجب عَلَيْهِ إِذا ميز الْإِتْيَان بالمعارف الْعَقْلِيَّة، حَتَّى إِذا مَضَت مُدَّة يُمكن فِيهَا الِاسْتِدْلَال وَلم يَأْتِ بالمعارف مَاتَ كَافِرًا " انْتهى.
وَأَن يكون عَاقِلا؛ لِأَن من لَا عقل لَهُ لَا يدْرك علما، لَا فقها وَلَا غَيره.
وَأَن يكون فَقِيه النَّفس، أَي: لَهُ قدرَة على اسْتِخْرَاج أَحْكَام الْفِقْه من أدلتها كَمَا يعلم ذَلِك من حد الْفِقْه - الْمُتَقَدّم أول الْكتاب -، فتضمن ذَلِك أَن يكون عِنْده سجية وَقُوَّة يقتدر بهَا على التَّصَرُّف بِالْجمعِ، والتفريق، وَالتَّرْتِيب، والتصحيح، والإفساد؛ فَإِن ذَلِك ملاك صناعَة الْفِقْه.
قَالَ الْغَزالِيّ: إِذا لم يتَكَلَّم الْفَقِيه فِي مَسْأَلَة لم يسْمعهَا ككلامه فِي مَسْأَلَة سَمعهَا فَلَيْسَ بفقيه.
وَأَن يكون عَارِفًا بأصول الْفِقْه وَهِي: الْأَدِلَّة الَّتِي يسْتَخْرج مِنْهَا أَحْكَام الْفِقْه، - وَقد سبق أَن أَدِلَّة الْفِقْه الْكتاب، وَالسّنة، وَمَا تفرع عَنْهُمَا - وَلَيْسَ المُرَاد أَن يعرف سَائِر آيَات الْقُرْآن وَأَحَادِيث السّنة، وَإِنَّمَا المُرَاد معرفَة مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ مِنْهُمَا، وَقد ذكر أَن الْآيَات خَمْسمِائَة، وَكَأَنَّهُم أَرَادوا
الصفحة 3870