كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 8)

وَقيل: تقدم الْأَرْبَعَة الْأُخَر على الدِّينِيَّة، لِأَنَّهَا حق آدَمِيّ وَهُوَ يتَضَرَّر بِهِ، والدينية حق الله تَعَالَى وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يتَضَرَّر بِهِ، وَلذَلِك قدم قتل الْقصاص على قتل الرِّدَّة عِنْد الِاجْتِمَاع، ومصلحة النَّفس فِي تَخْفيف الصَّلَاة عَن مَرِيض ومسافر، وَأَدَاء صَوْم، وإنجاء غريق، وَحفظ المَال، بترك جُمُعَة وَجَمَاعَة، وَبَقَاء الذِّمِّيّ مَعَ كفره.
ورد ذَلِك: بِأَن الْقَتْل إِنَّمَا قدم لِأَن فِيهِ حقين، وَلَا يفوت حق الله بالعقوبة الْبَدَنِيَّة فِي الْآخِرَة، وَفِي التَّخْفِيف عَنْهُمَا تَقْدِيم على فروع الدّين لَا أُصُوله، ثمَّ هُوَ قَائِم مقَامه، فَلم يخْتَلف الْمَقْصُود وَكَذَا غَيرهمَا، وَبَقَاء الذِّمِّيّ من مصلحَة الدّين لاطلاعه على محَاسِن الشَّرِيعَة، فيسهل انقياده كَمَا فِي صلح الْحُدَيْبِيَة، وتسميته فتحا مُبينًا.

الصفحة 4250