كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 2)

قُلْنَا: النزاع لم يَقع إِلَّا فِي الصَّلَاة مُقَيّدَة بِقَيْد الْغَصْب، وَهِي مُخْتَصَّة، فَلَا نسلم الْأَمر بهَا مَقْرُونا بِالنَّهْي، لِأَن النزاع فِي الصَّلَاة الشخصية، وَالْوَاحد بالشخص لَا تعدد فِيهِ بِاعْتِبَار عينه، بِأَن يُؤمر بِهِ وَينْهى عَنهُ، فَيُقَال بِمُوجب الدَّلِيل، لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتضى الْأَمر بِالصَّلَاةِ من حَيْثُ هِيَ صَلَاة، والنزاع وَقع فِي الْمُقَيد بِقَيْد الْغَصْب، لِأَن الْعَام فِي الْأَشْخَاص مُطلق فِي الْأَحْوَال، فَتَنَاول لفظ الصَّلَاة بِعُمُومِهِ كل فَرد من أَفْرَاد الصَّلَاة، بِوَصْف مُطلق الْمَكَان، وَمُطلق الزَّمَان، وَمُطلق الْحَال، فخصوص الدَّار الْمَغْصُوبَة لَا يَتَنَاوَلهَا عُمُوم الْأَمر، وَهَذَا أصح مِمَّا ذكره ابْن الْخَطِيب، لِأَنَّهُ سلم الْعُمُوم وَادّعى التَّخْصِيص بِدَلِيل الْعقل) انْتهى كَلَام ابْن قَاضِي الْجَبَل.
وَقَالَ أَيْضا -: (وَأما أَمر العَبْد بالخياطة فَلَيْسَ مطابقاً، لِأَن الْفِعْل [الَّذِي هُوَ مُتَعَلق] الْأَمر، غير الْفِعْل الَّذِي هُوَ مُتَعَلق النَّهْي، وَلَيْسَ بَينهمَا مُلَازمَة، فَلَا جرم صَحَّ الْأَمر بِأَحَدِهِمَا وَالنَّهْي عَن الآخر، إِنَّمَا النزاع فِي صِحَة تعلق الْأَمر وَالنَّهْي بالشَّيْء الْوَاحِد، فَأَيْنَ أَحدهمَا من الآخر؟) .
قَالَ الْقَرَافِيّ: (الْمِثَال مُطَابق فِي العَبْد، لِأَن الشَّيْء الْوَاحِد إِذا كَانَ لَهُ جهتان صَحَّ فِيهِ مَا ذكر) .
قُلْنَا: قد بَينا أَن الصَّلَاة الْمَخْصُوصَة لَيْسَ لَهَا جهتان، والتمثيل بالخياطة غير صَحِيح، لِأَن الْخياطَة وَالدُّخُول أَمْرَانِ متغايران، يجوز انفكاك أَحدهمَا عَن الآخر.

الصفحة 964