كتاب التحبير شرح التحرير (اسم الجزء: 2)

وَرِوَايَة عَن مَالك، وَقَول فِي مَذْهَب أبي حنيفَة، وَاخْتَارَهُ أَبُو شمر، كَمَا تقدم ذَلِك كُله.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (قلت: لَا يلْزمه شَيْء من ذَلِك قطعا. أما البيع وَقت النداء، وَسَائِر الْعُقُود الْمُحرمَة الَّتِي لَا يُمكن جبرها بالرضى، فالإمام أَحْمد يُبْطِلهَا، لِأَن الشَّارِع عزل أَرْبَابهَا عَن التَّصَرُّف بِالنَّهْي.
وَأما عدم حل من تزَوجهَا مَعَ تلبسه بالدانق، فَإِنَّهُ أَمر برده، وَمن لَوَازِم الْأَمر النَّهْي عَمَّا سواهُ، وَمَا سواهُ أضداد كَثِيرَة لم ينْه [عَنْهَا] بخصوصها، وَمن جملَة الأضداد التَّلَبُّس بِالْعقدِ العاري عَن النَّهْي بطرِيق الْخُصُوص، وَإِنَّمَا هُوَ فَرد من تِلْكَ الْأَفْرَاد، والمنهي عَنهُ الْقدر الْمُشْتَرك، وَمَا امتاز كل فَرد من الأضداد فَلَا نهي فِيهِ.
وَأما الصَّلَاة فِي الْمحل الْمَغْصُوب فمنهي عَنْهَا لذاتها، لَا لكَونهَا ضداً، وَلَا النَّهْي استلزاماً، فَظهر انفكاك مَحل النزاع.
قَالَ الْغَزالِيّ: (إِن قيل: مَا هَذِه الصَّلَاة، قَطْعِيَّة أَو اجتهادية؟
قيل: قَطْعِيَّة، والمصيب فِيهَا وَاحِد، لِأَن من صحّح أَخذ من الْإِجْمَاع، وَهُوَ قَطْعِيّ، وَمن منع أَخذ من التضاد الَّذِي بَين الْقرْبَة وَالْمَعْصِيَة، وَيَدعِي كَون ذَلِك محالاً بِدَلِيل الْعقل.
قلت: الْمَسْأَلَة اجتهادية، وَنقل الْإِجْمَاع بَاطِل، والتضاد ظَنِّي لَا قَطْعِيّ فِي خُصُوص الْمَسْأَلَة) انْتهى كَلَام ابْن قَاضِي الْجَبَل.

الصفحة 966