كتاب القطع والائتناف

الأرض خليفة} ولكن معناها الإيجاب أنك ستفعل، قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا = وأندى العالمين بطون راح
وشبهه أبو عبيده: يقول الرجل لغلامه وهو يضربه، إذا أذنب: ألست الفاعل كذا فعلى قول أبي عبيدة، قالوا أتجعل فيها مستأنف وهو مخالف في ما قاله.
روي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس قالا: قال الله جل وعز للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} قالوا: ما ذلك الخليفة؟ قال يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضًا، {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} فعلى هذا القول لا يتم الكلام عند قوله (إني جاعل في الأرض خليفة) لأنه متعلق بما بعده وما بعده دال على المحذوف.
وقد قيل أتجعل فيها من يفسد فيها استخبار على غير حذف المعنى، أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن حالنا لم يتغير، فالوقف الكافي على هذا (ونقدس لك)، وقيل المعنى أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء أم تجعلنا، فالوقف على هذا ويسفك الدماء، وفي الآية قول خامس قيل إذن الله جل وعز لهم أن يسألوا عن هذا متعجبين، قال أبو جعفر: وهذا القول خارج عن قول أهل التأويل وهذا محظور في كتاب الله جل وعز.
وأولى الأقوال - والله أعلم - ما روى عن صحابين لا يعلم لهما مخالف من الصحابة وأهل العلم على أنه قال رجل من الصحابة شيئًا لم أسمع خلافه إلا إلى صحابي مثله ولا سيما وهم حاضروا التنزيل والحاضر يعلم بمشاهدته الكلام ما لا يعلمه الغائب، قال أبو
[1/ 51]

الصفحة 51