قال ابن تيمية: "وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كفر كفر بذلك، وإن لم يقصد أن يكون كافرا. إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله" (¬1).
وسئل محمد بن عبد الوهاب عمن: نطق بكلمة كفر ولم يعلم معناها فلا يكفر بذلك. هل المعنى: نطق بها ولم يعرف شرحها، أو نطق بها ولم يعلم أنها تكفره؟
فأجاب: "إذا نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها صريح واضح أنه يكون نطق بما لا يعرف معناه، وأما كونه أنه لا يعرف أنها تكفره فيكفي فيه قوله تعالى: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (¬2). فهم يعتذرون للنبي - صلى الله عليه وسلم - ظانين أنها لا تكفرهم؛ والعجب ممن يحملها على هذا - أي أن الكفر لا يكون إلا مع العلم - وهو يسمع قوله تعالى (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (¬3) و (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (¬4) و (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (¬5). أيظن أن هؤلاء ليسوا كفاراً؟ لكن لا تستنكر الجهل الواضح لهذه المسائل لأجل غربتها" (¬6).
فلو لم يكن ذلك كذلك لوجدنا أنفسنا مضطرين أن نلتزم بعدم تكفير عوام أهل الكتاب الذين ما زالوا في ظنهم على الجادة والصواب، وأكبر دليل على ذلك: الحرب الدينية التي يخوضونها مع المسلمين في كافة بقاع الأرض.
- وهنا قد يقول أحدهم: قدسية الكلمة - أي: "لا إله إلا الله" -
¬_________
(¬1) الصارم المسلول على شاتم الرسول /154.
(¬2) سورة التوبة، الآية: 66.
(¬3) سورة الكهف، الآية: 104.
(¬4) سورة الأعراف، الآية: 30.
(¬5) سورة الزخرف، الآية: 37.
(¬6) تاريخ نجد - المسألة (16) / 452 بتصرف بسيط.