كتاب آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد

وتارة لا يذكرون مقام الألوهية لأن "الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان كما في قوله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ) (¬1) وكما يقال: رب العالمين وإله المرسلين، وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل: من ربك ...
إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر: من ربك؟ معناه من إلهك لأن الربوبية التي أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها، وكذلك قوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) (¬2). وقوله: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً) (¬3)، وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) (¬4)، فالربوبية في هذا هي الألوهية وليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران، فينبغي التفطن لهذه المسألة" (¬5).
دليل ما سبق - وهو على سبيل المثال لا الحصر - يراجع قول الإمام القرطبي في آية الميثاق، وقوله في قوله تعالى (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (¬6).
تجده في الأولى ذكر أن الميثاق في الربوبية، وفي الثانية نص على أنه في الربوبية والألوهية. وسيأتي ذكر ذلك في فصل "حجية الميثاق" بمشيئة الله وعونه.
* اتفق العلماء - بلا خلاف بينهم - على ثبوت حجة مستقلة عن الرسالة توجب وصف الشرك وحكمه لمن عبد غير الله تعالى.
¬_________
(¬1) سورة الناس، الآيات: 1 - 3.
(¬2) سورة الحج، الآية: 40.
(¬3) سورة الأنعام، الآية: 164.
(¬4) سورة فصلت، الآية: 30.
(¬5) تاريخ نجد/ 259 نقلاً عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
(¬6) سورة الروم، الآية: 30.

الصفحة 22