كتاب آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد

ومثل ذلك التفصيل (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى الحق ويتركون ما هم عليه من الباطل" (¬1) أ. هـ.
وقال ابن الوزير اليماني: "ومن ذلك (¬2) قوله تعالى حاكيا عن الأشقياء: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (¬3). وقوله في غير آية: (وأنتم تعقلون) (¬4)!، (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (¬5).
فإنها وأمثالها تدل على معرفتهم بعقولهم: قبح ما هم عليه وبطلانه معاً. إذ لو عرفوا بطلانه بها دون قبحه لم تقم عليهم الحجة، وإنما أرسلت الرسل لقطع عذرهم لكيلا يقولوا: ما حكى الله تعالى عنهم، وذلك لزيادة الإعذار، لأنه لا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى، لا لأنه لا حجة عليهم قبل الرسل أصلاً.
ولذلك صح عند أهل السنة: أن تقوم حجة الله بالخلق الأول في عالم الذر على ما سيأتي بيانه، وذلك قبل الرسل ولم يختلفوا في صحته، وإنما اختلفوا في وقوعه (¬6) ". (¬7) أ. هـ.
اللهم منك، البيان. وعلى رسولك، البلاغ. ومنا: التسليم والقبول.
* * *
¬_________
(¬1) فتح القدير (2/ 263).
(¬2) جاء ذلك في سياق الأدلة الدالة على مقتضى حكمة الرب تعالى، وكذلك حكم التحسين والتقبيح العقلي.
(¬3) سورة الملك، الآية: 20.
(¬4) (وأنتم تعقلون) كذا! والآيات التي وردت فيها كلمة (تعقلون) كثيرة، ولكن لا يوجد في الآيات (وأنتم تعقلون)! فلزم التنبيه.
(¬5) سورة الأنفال، الآية: 20.
(¬6) أي "في كيفية وقوعه".
(¬7) إيثار الحق على الخلق/ 193.

الصفحة 39