كتاب مرويات غزوة حنين وحصار الطائف

في السلم والحرب المرجع الذي يعودون إليه فيجدون فيه أنفاسه - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت نفسه الشريفة قد فارقت الدنيا، ويقتدون بسيرته كما يتبعون سنته.
ومن هنا وجب القيام بدراستها من الناحية النقدية الحديثية، ومن الناحية التحليلية التربوية بأسلوب معاصر وعرض جديد يقربها من لغة المثقف المعاصر، وهما واجبان متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر. وبهذا المنهج يمكن استدراك النقص الناجم عن الدراسات الإنشائية المرتجلة البعيدة عن التحقيق والبحث العلمي، كما يمكن تدارك الخلل الناجم عن الدراسة المتخصصة الدقيقة التي تبعد عن التحليل العلمي المعاصر، ولا تعنى بتقريب أحداث السيرة ونصوصها من فهم المثقفين المعاصرين، مما جعل كثيرا من الدارسين المعاصرين يعتمدون في دراستهم للسيرة على كتب المستشرقين ومن نحا نحوهم في كتابة السيرة بأسلوب العصر ولغته الأدبية وتحليلاته النفسية التربوية وفق مناهج غربية لا تخلو من تحامل وتشكيك في قضايا السيرة.
وهذه الفجوة الخطيرة قد قامت محاولات1 جادّة لسدها ظهرت في صورة دراسات يغلب عليها طابع العصر في سرعة التناول وغلبة الارتجال ولكنها دراسات نافعة أفادت منها الأجيال المعاصرة، بيد أن الأمر يحتاج إلى ضرورة التكامل في دراسة السيرة.
ج - سبب اختياري لغزوة حنين:
كانت تجربتي الأولى في دراسة غزوة "بني المصطلق" تدفعني لمواصلة خدمة السيرة النبوية، وقد وقع اختياري على هذه الغزوة لبحث الدكتوراه استمرارا لهذا الاتجاه الذي أرجو أن يكون من صالح أعمالي الموفقة، كما أتمنى أن يكون عملا علميا نافعا في خدمة الغزوتين العظيمتين.
وأود أن أجمل دوافع اختياري لغزوة حنين على وجه الخصوص في النقاط الآتية:
1- كثرة أحداث غزوة حنين وتشعب مروياتها وتعدد الجوانب العلمية لوقائعها التاريخية ومعطياتها الجليلة، ممّا جعلها - في نظري - جديرة بإفرادها بالدراسة
____________________
1 انظر ص 11.

الصفحة 13