كتاب أسباب النزول ت الحميدان
الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟ " فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً
مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ شَاكًّا فِي دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إِنَّهُ قَدْ صَدَقَ"، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سفيان.
[423] قوله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ [6] . .
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ اقْتِدَاءٌ بِهِمْ فِي مُعَادَاةِ ذَوِي قَرَابَاتِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَادَى الْمُؤْمِنُونَ أَقْرِبَاءَهُمُ الْمُشْرِكِينَ فِي اللَّهِ وَأَظْهَرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَرَاءَةَ، وَعَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى شِدَّةَ وَجْدِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْ أَسْلَمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَصَارُوا لَهُمْ أَوْلِيَاءَ وَإِخْوَانًا، وَخَالَطُوهُمْ وَنَاكَحُوهُمْ، وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَلَانَ لَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ وَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَقَالَ: ذَاكَ الْفَحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنْفُهُ.
(¬1) - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو
¬_________
(¬1) - أخرجه الحاكم (المستدرك: 2 / 485) والإمام أحمد (الفتح الرباني: 18/301 - ح: 463) وابن جرير (28/43) والبزاز وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه" وابن مردويه (فتح القدير: 5/214) والطيالسي (منحة المعبود 2/24 - ح: 1982) وابن عدي (الكامل: 6/2359) من طريق مصعب به, وإسناده ضعيف, بسبب مصعب (تقريب التهذيب: 2/251 - رقم: 1150) وأصل القصة ثابت في الصحيحين وغيرهما دون ذكر الآية (فتح الباري: 5/333 - ح: 2620) (صحيح مسلم: 2/696 - ح: 1003) (الفتح الرباني: 19 / 4 0 - ح: 22) عن أسماء رضي الله عنها.
الصفحة 423