كتاب رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت

قالته المعتزلة وركبوا مكابرة العِيان1 وخرقوا الإِجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر. وقالوا للمعتزلة: الذي ذكرتموه ليس بحقيقة الكلام، وإنما يسمى ذلك كلاماً على المجاز لكونه حكاية أو عبارة عنه، وحقيقة الكلام: معنى قائم بذات المتكلم2.
فمنهم من اقتصر على (هذا) 3 القدر، ومنهم من احترز عما علم دخوله على هذا الحد فزاد فيه ما ينافي السكوت والخرس والآفات المانعة من الكلام4.
ثم خرجوا من هذا إلى أن إثبات الحرف والصوت في كلام الله سبحانه تجسيم. وإثبات اللغة فيه تشبيه.
وتعلقوا بشبه5 منها: قول الأخطل6:
__________
1 في (درء) 2/85 ضبطها بكسر العين أي: ما لا يشك فيه. يقال رأيته عياناً إذا لم يشك في رؤيته إياه. وأشار في الحاشية إلى أنه في نسخة أخرى: (الأعيان) والأعيان: أفاضل القوم وأشرافهم. انظر لسان العرب 13/352-303.
2 أنظر الباقلاني: الإِنصاف ص: 106، 108، 110، والتمهيد ص: 251، والشهرستاني في نهاية الأقدام ص:320. وسيأتي مزيد بيان لذلك في الفصل الرابع.
3 الزيادة من (درء) 2/85، والسياق يقتضيها.
4 انظر تبصرة الأدلة للنسفي 1/281.
5 في الأصل: (شبهه) وهو تحريف.
6 الأخطل، هو غياث بن غوث به الصلت بن طارقة بن عمر بن بني تغلب أبو مالك (19-90هـ) وهو شاعر نصراني، اشتهر في عهد بني أمية، ومدح خلفاءهم وله ديوان شعر مطبوع. الأعلام5/318، وانظر ترجمته في (الشعر والشعراء لابن قتيبة) 1/490، ط 3 سنة 1977 تحقيق أحمد محمود شاكر.

الصفحة 119