كتاب رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت
أنه كلام من مكلِّم إلى مكلَّم. وقال نوح بن أبي مريم1 في تكليماً: (يعني المشافهة بين اثنين) 2 وإن لم يكن هناك مشافهة، فالله تعالى قال لموسى عليه السلام: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} 3 والاستماع بين الخلق لا يقع إلا إلى صوت، وهو غير الإفهام؛ لأنّ الفهم يتأخر عن السمع.
وقول الأشعري: "إنّ كلام الله شيء واحد، لا يدخله التبعيض"4 فإذا قال إنّ الله أفهم موسى كلامه، لم يخل5 أمر6 من أن يكون قد أفهمه كلامه مطلقاً، فصار موسى عليه السلام عالماً بكلام الله حتى لم يبق له كلام من الأزل إلى الأبد إلا وقد فهمه. وفي ذلك اشتراك مع الله في علم الغيب، وذلك كفر بالاتفاق.
__________
1 هو نوح بن أبي مريم أبو عصمة المروزي القرشي مولاهم، مشهور بكنيته، ويعرف بالجامع لجمعه العلوم، لكن كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع. مات سنة 173 هـ. انظر التقريب 2/ 309، واسم أبيه يزيد بن جعونة. انظر "الكنى للإمام مسلم 1/ 643 ترجمة رقم: 2613" والكنى للدولابي 2/ 31.
2 أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص 64، وابن جرير في التفسير "9/ 403".
3 سورة طه: جزء من آية "13".
4 ليس ذلك في شيء من كتبه التي وصلت إلينا، وقد حكاه عنه الشهرستاني في الملل 1/ 96، وهو قول الكلابية والأشعرية. انظر "المقالات 2/ 257" والإرشاد لإمام الحرمين ص 136.
5 في الأصل "يخلو" بإثبات حرف العلة. والصواب حذفها "كما أثبت" لدخول أداة الجزم.
6 كذا في الأصل بالتنكير، والتعريف أفصح.