كتاب رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت

فرفعوا ما أوجبوه من الخلاف1، وهذا تناقض.
وقالوا: إثبات الحروف في كلام الله تشبيه، ثم قالوا: (كلام الله وكلام غيره لا حروف فيهما) فافصحوا بالتشبيه2. ولو كان قولنا: إن الكلام لا يعرى عن الحروف تشبيهاً، مع كون الكتاب دالا على صحة قولنا، وكذلك الأثر، وكلاّ أن يكون كذلك، لكان تشبيهم أفظع وأشنع، فإنهم زعموا أنّ كلام الله لا حرف فيه ولا صوت، وكلام الله وذو النحل3 وساير الحكل4 لا حرف فيه ولا صوت فشبهوا كلام الله
__________
1 أي بين كلام الله وكلام خلقه إذ جعلوا الكلام الحقيقي في حق الخالق والمخلوق هو الكلام النفسي.
2 لأنهم قالوا: إنّ الجميع معنى قائم بالنفس وليس بحرف ولا صوت كما تقدم نقل ذلك عنهم.
3 هكذا في الأصل ولعل الصواب "ودويُّ النحل" أي صوته، والدوي. صوت ليس بالعالي كصوت النحل وغيره، ويقال لصوت الرعد دوي ابن منظور: "لسان العرب 14/ 281" وهو وإن كان صوتاً إلا أنه ليس بحروف مفهومة.
4 الحكل: "بضم الحاء المهملة وسكون الكاف" العجم من الطيور والبهائم. قال ابن سيده: والحكل من الحيوان ما لا يسمع له صوت كالذر والنمل. وكلام الحكل: كلام لا يفهم. انظر: "لسان العرب 11/ 162".

الصفحة 177