كتاب رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت

قيل لهم: قد بينا لكم مراراً أن اعتماد أولى الحق في هذه الأبواب على السمع، وقد ورد السمع بأن القرآن ذو عدد1، وأقر المسلمون بأنه كلام الله حقيقة لا مجازاً.
وكلامه صفة وقد عد الأشعري صفات الله سبحانه (سبع عشرة) 2 صفة، وبين أن منها ما لا يعلم إلا بالسمع3 وإذا جاز أن يوصف بصفات معدودة لم يلزمنا بدخول العدد في الحروف شيء.
فإن قالوا: إن التعاقب يدخلها وكل ما تأخر عن ما سبقه محدث4.
__________
1 وأنه سور وآيات وحروف، وقد تقدم بيان ذلك في ص 235.
2 في الأصل: (سبعة عشر) .
3 انظر: (الإبانة: 21 – 33) و (المقالات 1/ 345 – 349) .
4 وقد قالوا نحو هذا. قارن هذا القول بكلام الباقلاني في الإنصاف ص 99 إذ يقول: "وأيضاً فإن حروف الكلمة يقع بعضها سابقاً لبعض، فعند خط الكاتب (با) قد حصلت وثبتت قبل خطه (سينا) وكذلك السين حصلت وثبتت قبل خطه ميما - في كلمة (بسم) - وما تقدم بعضه على بعض وتأخر بعضه عن بعض فهو صفة الخلق لا صفة الحق، وكذلك الأصوات يتقدم بعضها على بعض ويتأخر بعضها عن بعض ويخالف بعضها بعضاً، وكل ذلك صفة كلام الخلق لا صفة كلام الحق الذي هو قديم ليس بمخلوق".إهـ
فجعل تعاقب الحروف والأصوات ومجيء بعضها عقب بعض دليلاً على حدوث الكلام وخلقه، ثم نفى أن يكون كذلك. أي: ليس بحرف ولا صوت.

الصفحة 256