كتاب رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت

وعند الأشعري: أن الاسم الذي نختلف فيه ليس هو المسمى ولا هو غير المسمى12.
__________
1 حكى الأشعري: أن ذلك قول ابن كلاب. انظر: المقالات 1/250) .
وقد نقل الإيحبي: للأشعري تفصيلا في الموضوع فقال: قال الشيخ قد يكون الاسم عين المسمى نحو الله فإنه اسم علم للذات من غير اعتبار معنى فيه، وقد يكون غيره نحو الخالق والرازق مما يدل على نسبته إلى غيره ولا شك أنها غيره، وقد يكون لا هو ولا غيره كالعليم والقدير مما يدل على صفة حقيقية ومن مذهبه أنها لا هو ولا غيره كما مر (المواقف 333) وقال شيخ الإسلام وهو المشهور عن أبي الحسن. (الفتاوى
6/188) .
وأما قوله الذي استقرّ عليه بآخره فهو ما أفصح عنه في الإبانة بقوله: (وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً) ص22.
2 تعليق:
الكلام في قضية الاسم المسمى من القضايا التي اشتهر النزاع فيها بعد أئمة السلف الأوائل كالإمام أحمد وغيره، والذي كان معروفا عند أئمة السنة أحمد وغيره في ذلك: هو: الإنكار على الجهمية الذين يقولون أسماء الله مخلوقة أخرج اللالكائي عن إبراهيم بن هانئ قال سمعت أحمد بن حنبل – وهو مختف عندي – فسألته عن القرآن فقال: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فهو كافر) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/214حـ351.
لأن الجهمية يقولون: الاسم غير المسمى، وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق. فذمهم السلف وغلظوا القول فيهم لأن أسماء الله من كلامه وكلام الله غير مخلوق بل هو المتكلم به وهو المسمى لنفسه بما فيه من الأسماء فأنكر الإمام أحمد قول الجهمية هذا لأنهم يريدون أن يتوصلوا إلى القول بأنّ القرآن مخلوق.
على هذا القدر اقتصر القول في هذه المسألة في عصر الإمام أحمد، ثم اشتهر النزاع فيها بعده، وتحصل فيها عدة أقوال:
الأول: أن الاسم غير المسمى – وهو قول الجهمية والمعتزلة والخوارج وكثير من المرجئة والزيدية.
الثاني: أن الاسم هو المسمى وأن أسماء الباري هي الباري. وهو قول أكثر أصحاب الحديث والمنتسبين إلى السنة مثل أبي بكر بن عبد العزيز، وأبي القاسم الطبري واللالكائي، والبغوي. انظر: المقالات 1/252 و (الفتاوى 6/187) .
الثالث: أن الاسم لا هو المسمى ولا هو غيره، وأن أسماء الباري لا هي الباري ولا هي غيره. وعزاه الأشعري لبعض أصحاب ابن كلاب.
الرابع: التوقف: فلا يقال: أسماء الباري هي الباري، ولا يقال: لا هي الباري، ولا هي غيره. وذكر هذه الأقوال الأربعة الأشعري في المقالات 1/252-253) .
الخامس: وهناك قول خامس في المسألة ارتضاه ابن جرير الطبري في كتابه (صريح السنة بعد أن ذكر أن الكلام في هذه المسألة من الأمور المحدثة التي لم يرد فيها نصٌّ عن السلف. وهو أن لاسم للمسمى. فقال: (وأما القول في الاسم هو المسمى أم هو غيره فإنه من الحماقات الحادثة التي لا أثر فيها فيتبع، ولا قول من إمام فيستمع فالخوض فيه شين، والصمت عنه زين، وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قوله جلّ ثناؤه الصادق وهو قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} اهـ (صريح السنة ص 11 ضمن المجموعة العلمية السعودية) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عقب إيراده كلام الطبري هذا: (وهذا هو القول بأن الاسم للمسمى، وهذا الإطلاق اختيار أكثر المنتسبين إلى السنة من أصحاب الإمام أحمد وغيره) انظر: الفتاوى 6/187) .
وذكر ابن أبي يعلى أن الإمام أحمد كان يشق عليه الكلام في الاسم والمسمى ويقول: هذا كلام محدث ولا يقول إن الاسم غير المسمى ولا هو هو، ولكن يقول: إن الاسم للمسمى اتباعا لقوله تعالى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .
انظر: (طبقات الحنابلة 2/ 270) .

الصفحة 276