كتاب كيف نفهم التوحيد

وليس مبعثه عدم تسليمهم بأنه جل وعلا بيده ملكوت كل شيء، وليس مثاره اعتقاد أولئك المشركين أن من يدعون من دون الله يشاركون الله في جلب نفع أو دفع ضر، فكل شيء من ذلك لم يخطر على بال أحد من أولئك المشركين ولم يعتقد أحد منهم شيئا منه البتة.
إيمأن المشركين بالله:
فقد كان هؤلاء المشركون يؤمنون بوجود الله إيماناً جازما ويوحدونه في الربوبية توحيداً كاملا لا تشوبه أية شائبة، أي أنهم كانوا يعتقدون أنه تعالى ربهم ورب كل شيء وأن من يدعونهم من دونه من الآلهة والأنبياء ليسوا إلا بعضاً من عبيده وخلقه لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وأن الضر والنفع والموت والحياة بيده وحده سبحانه وتعالى لا يشاركه في ذلك ولا يظاهره أي مخلوق من مخلوقاته.
هكذا كان إيمان المشركين الأولين بربهم، وهكذا كانوا يوحدونه في الربوبية هذا التوحيد الخالص الذي يقصر دونه (اليوم) توحيد القبوريين من عباد الأولياء الذين لا يلجأون إلى أوليائهم من الميتين- سكان الأضرحة- مستغيثين ومستنجدين بهم وضارعين إليهم، إلا عند الشدائد.
عكس ما كان يفعله المشركون الأولون الذين لا يدعون آلهتهم من الأولياء المتمثلين في تماثيلهم وأنصابهم إلا حيث لا يكون ضيق ولا شدة، أما في الضيق والشدة، فهم لا يلجأون إلا إلى الله وحده لا شريك له.
وهنا ثارت ثائرة صاحبي وقال (في احتجاج ظاهر) : عجيب، وغريب، وكيف، وكيف؟!

الصفحة 11