كتاب كيف نفهم التوحيد

كيف اصطدم المؤلف بالقبوريين عندما أشرفوا على الغرق؟
وقد حضرت كثيرا من هؤلاء وهم يتضرعون إلى أوليائهم بالدعاء الحار في البحر، وذلك عندما كنت مسافرا في البحر الأحمر، منذ أكثر من خمس وعشرين سنة.
فقد كنا أكثر من ثمانين راكبا في سفينة شراعية صغيرة، وعندما هاج علينا الموج وغشينا من كل مكان صارت السفينة تهبط بنا بين الأمواج الهائلة، وكأنها تنوي الاستقرار في قاع البحر، وترتفع (مع المد) وكأنها تريد الطيران من البحر.
وفي تلك الساعة العصيبة، ضج القبوريون بالدعاء وطلب العون والمدد، لا من الله الحي القدير على كل شيء، وإنما من الميت الذي لا يقدر على شيء.
فقد توجهوا بقلوب خاشعة كسيرة، إلى الشيخ سعيد بن عيسى رحمه الله الذي فارق الحياة منذ أكثر من ستمائة سنة، وأخذوا يدعونه في فزع مشوب بالرجاء، قائلين: (يا ابن عيسى، يا ابن عيسى، حلها يا عمود الدين) وأخذوا يتسابقون بنذر النذور له والتعهد بتقديمها عند قبره إن هم نجوا من الغرق، وكأن أمرهم بيده، لا بيد الله سبحانه وتعالى.
كاد القبوريون يقذفون بالمؤلف إلى البحر
وعندما حاولت (على صغر سني حينذاك) إقناعهم بأن هذا موقف لا يصح أن يتوجه فيه مسلم إلى غير الله ورجوت منهم (في شفقة وإخلاص) أن يلجأوا إلى ربهم ويخلصوا له الدين بالتضرع بالدعاء إليه وحده، وأن يتركوا

الصفحة 18